المرأة والعائلة
تنتحر المرأة من أجل الحفاظ على شرف الرجل وفي الوقت نفسه الرجل يقتل المرأة من أجل الحفاظ على شرفه، كثيراً ما نسمع عن حالات انتحار المرأة في العديد من المناطق.
لماذا تنتحر المرأة؟ ربما تكون هناك بعض الأزمات الاجتماعية، ولكن في الكثير من الأحيان يكون سبب لجوء المرأة إلى الانتحار حين يعلم أهل البنت بأنها التقت برجل في الشارع وتبادلت معه الابتسامة والمشاعر، فلماذا تقدم على الانتحار؟ هي لا تنتحر من أجل نفسها، إنما تنتحر كي لا تشوه سمعة الرجل. لهذا السبب ينبغي على المرأة أن تسعى لأن تصبح الجوهر الأساس عائدة لذاتها وتتمكن من التعبير عن ذاتها من الناحية الفكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والفنية، وينبغي أن يتم صون وحماية حقوق التعبير هذه عبر عقود اجتماعية.
بالتأكيد العائلة في الشرق الأوسط هي الدولة الصغرى، لذلك فإن الدولة تعرّف وتدير أمورها من خلال العائلة. العائلة الشرق أوسطية هي عائلة أحادية. والعائلة الأحادية هي العائلة التي تكون السلطة بيد الرجل (الأب) وتعتبر العائلة ملكاً له، ففي البداية تغلق المجال أمام المرأة أي لا تفتح لها المجال للتعبير عن رأيها وتجعلها تابعة للرجل، وملكاً له، محرومة من كل الحقوق ومسلوبة الإرادة، مهمتها الوحيدة إنجاب الأطفال وزيادة نسل الرجل. وفي حال تعرضت لشيء سيئ يمس “شرف العائلة” فهي تقتل نفسها من أجل حماية “شرف” أخوتها ووالدها. أي أنها تقتل نفسها من أجل الرجل، والرجل أيضاً يقتل المرأة إن ارتكبت خطأ وفق تفكير الرجل فيقدم عل قتلها حتى يثبت للمجتمع بأنه شخص “شريف”، إلا أننا لو دققنا في الأمر لوجدنا بعض الأشياء المتضادة فمثلاً يقولون تلك المرأة عاهرة لماذا؟ لأنّ لديها علاقات مع الرجال. ولكن لماذا لا يوصف ذاك الرجل الذي دخل في علاقة معها بالصفة ذاتها؟ لهذا السبب فإن جنسوية المجتمع في الشرق الأوسط متعمقة.
فمثلاً؛ عندما نرى رجلاً يضحك بصوت عالٍ لا يلفت انتباهنا كثيراً، ولكن في حال كان مكان الرجل امرأة؛ حتى وإن لم نصرح علناً نقول بداخلنا “هذه المرأة لا تشعر بالعار من نفسها لضحكها بهذا الشكل”. كذلك الأمر إذا كنا جالسين أمام المنزل وشاهدنا فتاة وشاباً برفقة بعضهما فنقول أليس لدى تلك الفتاة عائلة ولا نقول أليس لذاك الشاب عائلة، أي نعتبر أن البنت مذنبة أما الرجل فلا. فهذه هي جنسوية المجتمع، جنسوية المجتمع تعني إعطاء الحق الطبيعي للرجل لهذا السبب يرى كل تقرباته مشروعة، ولكن في الوقت نفسه تتم معاقبة نفس التقربات للمرأة بالموت. هذه الحالة موجودة في الشرق الأوسط بنسبة كبيرة، أما في الدول الأوروبية فترى بنسبة قليلة في يومنا الراهن، وهذا نابع من منطق تقرب العائلة. ولذلك يجب على العائلة الشرق أوسطية أن تكون ديمقراطية وتتخلص وتتحرر من خصوصية السلطة والتملك. على سبيل المثال؛ لماذا يريد الرجل إنجاب الكثير من الأطفال؟ كي يكونوا عوناً له من الناحية الاقتصادية والحماية، فهذا يعني استثمار الأطفال، ولا يعني الديمقراطية، ولا تكون هذه العائلة ديمقراطية، فهذه العائلة تستند إلى الملكية والتملك، فأطفالها سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً لا يحددون مستقبلهم بأنفسهم، ولا يتحركون وفقاً لمطالبهم واحتياجاتهم. وإنما يتحركون ضمن الإطار المحدد لهم من قبل رئيس العائلة. أما بالنسبة المرأة في هذه العائلة فتعتبر ملكاً ليس لها إرادة، فهذه العائلة تعبر عن علاقة المالك والمملوك بشكل واضح، حيث يعتبرون أنفسهم أتباعاً ولا يعتبرون أنفسهم أشخاصاً أحراراً لهم عملية بحث خاصة بهم ضمن إطار الهدف الذي حددوه لأنفسهم، وأنهم يحيون من أجل الهدف والمستقبل الذي حددوه وليس من أجل الإطار الذي حددته لهم العائلة. أي أن يكونوا نسخة عن نفس العائلة المستندة إلى علاقة المالك والمملوك. لأن العائلة ذات طابع تملكي سلطوي تسعى لجذب كافة أفرادها نحو دائرتها وتجعل منهم نسخة عنها. فهي تربي الصبيان والبنات وفقاً لفكرها وذهنيتها. حيث يتم استثمار الأطفال ضمن العائلة، ولا تعبر عن الاستقلالية بين الجنسين كما يدعيه البعض، فهذه الاستقلالية بين الجنسين ليست ضمن مطالب المجتمع وطبقة الكادحين والفلاحين والمرأة، إنما مطلبهم العائلة الديمقراطية، فالعائلة الديمقراطية ليست عائلة أحادية، وإنما تحوي إرادة الرجل والمرأة والأطفال، ولا تستند إلى التملك. أي أن دمقرطة العائلة تعني تحرير العائلة من هيمنة الرجل والسلطة والتملك، فهذه هي الديمقراطية. فالعائلة الأحادية ومن أجل حمايتها تم تطبيق كافة أشكال الحكم على المرأة والأطفال والشبيبة وبشكل سيئ حتى وقتنا الراهن لكن لماذا كل هذا؟ ذلك حتى تستطيع هذه العائلة أن تحمي نفسها، لأنه ينبغي أن يكون هناك عش أو نواة للسلطة. ولهذا السبب ينبغي دمقرطة العائلة، أي أن يتشارك جميع أفراد العائلة فيها، وتبتعد عن تطبيق ما يتم فرضه كتقربات البرجوازية، لأن هذه التقربات تشكل خطراً بالنسبة للعائلة، وعلى وجه الخصوص تقربهم من العائلة والعلاقة بين الرجل والمرأة، لأن هذه التقربات ترى كحرية ولكن في الأساس لا تعبر عن الحرية، مثلاً الحب بحرية، العائلة الحرة. فهم بالأساس يحمون بهذه التقربات التفسخ الأخلاقي ضمن المجتمع ويخدمون بشكل أكبر الطبقة البرجوازية، وتتحول المرأة من خلالها وتحت مسمى الحب الحر إلى مادة وسلعة يتم اقتناؤها.
المفاهيم - المؤسسات - التقربات
نود في هذه الحلقة مناقشة بعض المفاهيم والمؤسسات والتقربات حيث سنناقش فيها القوموية والدين والمذاهب، العشيرة والقبيلة، سوف نركز على هذه النقاط في هذه الحلقة.
الدين والمذاهب والطرائق: هي تحتاج إلى الكثير من النقاش والتقييم في الشرق الأوسط، حيث يعد النقاش حولها بمثابة ذنب، وعملت السلطوية على منع مثل هذه النقاشات، وذلك لأن السلطوية بتقديسها الدين قدست سلطويتها وأعطتها الأهمية، ومازال الوضع مستمراً إلى يومنا هذا. فالإمبراطوريات جميعها عملت من خلاله على تطبيع الشعب حيث استخدمته الإمبراطورية العثمانية بشكل أكبر، حيث استخدمت الدين الإسلامي واتخذت على وجه الخصوص المذهب السني كأساس وهوية لها. إلا أن تجربة الأحزاب اليسارية والقوموية في الشرق الأوسط أدت إلى إفلاسها (تراجعها)، حيث كانت الجبهات محتدمة بالمعارك والإنكار، الرفض مما أدى لإفلاسها
الدين
الدين في الشرق الأوسط يعد حاجة أساسية، وليست ثانوية، فالدين هو الهوية ، هوية الإنسان، إحساسه عواطفه، حبه وكراهيته، مقاييسه الأخلاقية والتي تحدد شكله، لهذا السبب لا يستطيع العيش بدونه. وعلى هذا الأساس ينبغي التطرق إلى الدين على أنه قضية أساسية، وله دور أساسي في أزمة الشرق الأوسط ، لماذا؟ لأنه وحتى يومنا الراهن لم يمر بمراحل إصلاحية ولم يتخذ الشكل وفق متطلبات المجتمع الراهن، ولم يبتعد قطعاً عن السلطوية ولهذا السبب تحول إلى مصدر القضايا والأزمات. .
في الشرق الأوسط لا يستطيع الإنسان العيش من دون دين، فرغم تغير التاريخ والزمان إلا أنه لا يستطيع العيش دون الدين، أي أن الإنسان لا يمكنه العيش في منطقة الشرق الأوسط من دون الحياة الروحية، إذاً هذه هي خاصية الإنسان. هذا ما أثبته القائد آبو في مرافعاته الأخيرة بأن الإنسان يعيش حالة ميتافزيقية، بمعنى أن الجانب الروحي للإنسان موجود على الدوام، وهذا ما يميز بين الإنسان واللا إنسان، أي يعيش حالة ميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة)، أي له عالم روحي وأوتيوبيا (خيالي)، فالإنسان ليس مادة بيولوجية فقط وإنما له جانب روحي أيضاً، وعلى أساس العالم الروحي يؤسس الأخلاق وأسلوب الحياة وأسلوب التعامل والعمل، ولذلك فالإنسان لا يستطيع العيش دون الدين، وعليه فإن النظريات التي أرادات أن تحل نفسها محل الدين في الشرق الأوسط لم تنجح في ذلك كالقوموية والاشتراكية، حيث أرادت أن تكون بديلاً عن الدين وعن الحياة الروحية إلا أنها فشلت في ذلك، ومن هذا يتضح بأنه ومن خلال الرفض والإنكار لا يمكن إخفاء هذه الحقيقة وذلك لأن الدين لم ينشأ قبل 1400 سنة أو قبل 2000 سنة مضت وإنما هو موجود مع نشأة الحياة، ولكن كل ما هنالك تم تغيير اسمه ونظامه وشكله كما غير بعض أولوياته وتطور في هذا المضمار، ولكنه كان موجوداً على الدوام. حيث كانت الأنيمزم أي الطبيعة الحية ديناً واعتبرت كل شيء كالحجر والأشجار أحياء ولها روح. وقدّست بعضها. أيضاً التوتامية كانت ديناً حيث أنشؤوا التوتاميات لأنفسهم بطريقة رمزية كالتماثيل واقتبسوا منها القوة الروحية ، بعد ذلك ظهر دين الآلهة المتعددة والإله الواحد والمستمر إلى يومنا هذا، مما يدل أن لا شيء يمكنه أن يحل مكان الروح أي لا يمكن إحلال شيء آخر مكان ميتافيزيقية الإنسان أو العيش دونها، فالمحاولات الميكانيكية التي تسعى لزرع شيء آخر مكان الدين بالإجبار أو عبر الإقناع بطرق عديدة لتطبيقها، كالتجربة السوفيتية التي خلقت أزمة لدول الجوار، كان لها التأثير في أزمة الشرق الأوسط. فالسلطة تعرف عن نفسها من خلال الدين ولهذا السبب تقوم بتصفية المعارض والمجتمع، كما أنه لم تنجح محاولات تحقيق إصلاحات دينية لم تؤد إلى أية نتيجة، لأن السلطوية قدست الدين بشكل كبير وبطريقة مطلقة وعلى وجه الخصوص الأحاديث والقرآن، وتوصيف الله بأنه العظيم الكبير والرسول بأنه آخر الأنبياء ، من خلال هذا كسبت لنفسها الهوية الايديولوجية (الفكرية)، وبذلك استطاعت كسب دعم وتأييد الشعوب المسلمة في المنطقة ومحاربة أوربا والمسيحية وتصبح إمبراطورية عظمى، من هنا فإن السلطة السياسية لم تخدم الإصلاحات الدينية ولا الديمقراطية، بل كانت دائماً في خدمة الدوغمائية الدينية، وأوجدت حجة وجودها ضمن الدوغمائية الدينية. لهذا السبب من الخطأ التقرب وكأنها غير موجودة، والتقرب منها على أنها غير موجودة يعتبر مشكلة وقضية حقيقية. بإنكار الدين لا يمكن المحاربة والنضال، ولا يمكن النضال والمحاربة بغض النظر عنه أي وكأنه غير موجود فهو حقيقة. لهذا علينا الإصرار في موضوع دمقرطة الإسلام والإصلاح، ونكسبه القوة، نحن لا نستطيع أن ننجزه لوحدنا ولكن يمكننا أن ندعمه بالقوة أي نعطي القوة ونساند التيار الساعي إلى دمقرطة الإسلام وإصلاحه، لماذا؟!
ففي النقيض هناك الإسلام السياسي، فالإسلام السياسي يقوم بزرع بعض القيم على الديانة وبهذا الشكل يصبح سلطة، أي يحدد مقياساً للإسلام بشكل يخدم مصلحته، أي يحوله إلى طريقة ووسيلة للوصول إلى السلطة. فنحن لا نتخذ الدين كوسيلة للوصول إلى السلطة، بل نسعى لإكساب الدين قوة أخلاقية ضمن المجتمع لهذا السبب؛ ينبغي أن يمر عبر إصلاحات ويتحول إلى إسلام ديمقراطي، أي ألا يتحد مع السلطة، ويتحول ضمن المجتمع إلى قوة أخلاقية له، ويضبط تصرفات الإنسان ضمن إطار الأخلاق الإنسانية، ولكن ليس بالقانون إنما بالقوة الأخلاقية، أي ينبغي على الدين لعب هذا الدور، ينبغي علينا أن نعمل على هذا الأساس ونعمل على تقوية هذا التيار.
في الشرق الأوسط الدين لم ينقطع بتاتاً عن السلطة، ففي يومنا الراهن أيضاً مازالت هناك دول تحكم بالدين، وبعضها تظهر نفسها على أنها علمانية ولكن بالأساس تحكم بالدوغمائية الدينية، ولكن في الآونة الأخيرة قامت الإمبريالية باستخدام الدين لخدمة مصالحها إلى أبعد الحدود ضد الاتحاد السوفيتي، لأنها رأت بأنها بطريقة واحدة يمكنها أن تتصدى للسوفييت ألا وهي عن طريق حماية الإسلام، ويستطيعون التحجج بأي شيء ضد السوفييت لأجل حماية الإسلام.
ولهذا السبب في تلك الفترة أتت الاستخبارات الأمريكية إلى السعودية، أي بعد أن قام السوفييت باحتلال أفغانستان 1978، وطلبت عائلة ملك السعودية أن يقوم أحدهم بتطوير مقاومة ضد السوفييت باسم مسلمي العالم، وعلى هذا الأساس جمعت العرب والمسلمين الآخرين هناك ضمن حركة إسلامية ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، ولتحرير مناطق المسلمين. بهذا الشكل استفادت الامبريالية من الدين واستغلته لخدمة مصالحها، المهم هنا هو أن كلاً من الدين المذاهب والطرق هي نقاط لا يمكن غض النظر عنها وعدم إيلائها الأهمية في منطقة الشرق الأوسط.
تشكيل المذاهب والطرائق: سنتطرق إلى كل واحدة منها ولو بشكل مختصر:
الشيعة: من هم الشيعة؟ الشيعة تعني الفرقة والأتباع والأعوان، بمعنى المتابعة والمطاوعة. أي المؤيدين لعلي، ولكن هذه لا تعتبر فقط تقرباً دينياً وإنما تقرب سياسي، صحيح أن هناك مؤيدين لعلي ولكن الشيعة أكثر من أن يكونوا مؤيدين لعلي، اتخذ القومويون الفرس وبعض الشخصيات الأخرى الشيعية أساساً لهم ضمن النظم العربية كي لا ينصهروا، أي اتخذوها كهوية وطنية، لهذا نرى في يومنا الراهن أن الشيعة هي الحاكمة في فارس، فهذا هدفهم السياسي. ولكن دون شك لديهم مصادر أخلاقية، فبعض الأشخاص ندموا بعد أن قتل الحسين، وبدأوا بلوم أنفسهم كيف لم يقوموا بدعمه آنذاك ويتعاونوا معه ولماذا لم يتصدوا ويقفوا أمام هذا الظلم، وباتت ضمائرهم تعذبهم، لهذا نراهم يضربون أجسادهم بالأدوات المعدنية ويلطمون وجهوهم تعبيراً عن ندمهم، إلا أن الفارسيين ولأجل إظهار خصوصيتهم كقومية وكشعب مختلف عن العرب، فمن الناحية الدينية أيضاً اتخذوا لأنفسهم مذهباً دينياً آخر، وأخذوه أساساً لهم، فمن خلال هذا المذهب أحيوا خصوصيتهم القومية.
طوائف الشيعة
الإثنا عشرية أو الإمامية
تؤمن الطائفة الإثنا عشرية بأربعة عشر معصوم منهم إثنا عشر إماماً معصوماً، ويعتقدون بأن محمد المهدي ابن الحسن العسكري وهو عندهم الإمام الثاني عشر هو المنتظر الموعود الذي غاب عن الأنظار وأنه سيعود ليملأ الأرض عدلاً.
وتعتبر الطائفة الإثنا عشرية أكبر الطوائف الشيعية من حيث عدد السكان، حيث تُقدر نسبتها بحوالي 85% من الشيعة، وتحتوي إيران والعراق وأذربيجان على أكثر من ثلثي عدد الشيعة الإثنا عشرية.
الإسماعيلية
بعد وفاة الإمام جعفر الصادق التف الشيعة حول ولده موسى الكاظم ولكن أعلن بعض الشيعة أن الإمام كان إسماعيل بن جعفر الصادق وأنه مات في حياة أبيه فإن الإمامة في نسله ورفضوا إمامة موسى الكاظم. وظهر ثاني انقسام وهو ما يعرف بالطائفة الإسماعيلية. التي هي الأخرى حدث فيها انشقاق إلى فرعين (نزارية – مستعلية) وما زالتا موجودتين إلى يومنا.
واشتهر الإسماعيليون بنشاطهم بل استطاعوا ولأول مرة بعد مقتل علي بن أبي طالب تأسيس دولة شيعية بخلافة شيعية يرأسها أئمة ظهروا بعد نجاح دعوتهم السرية قائلين إنهم من ذرية علي بن أبي طالب وهي الدولة الفاطمية.
بدأت في شمال أفريقيا ووصلت إلى مصر وكانت العاصمة القاهرة في عهدهم من أكبر مدن العالم آنذاك. يوجد الإسماعيلون حالياً في بنجران جنوب المملكة العربية السعودية وفي الهند وغيرها من البلدان.
الزيدية
بعد مقتل الحسين بن علي وبعد وفاة ابنه علي زين العابدين الذي كان له ولدان محوريان هما زيد بن علي ومحمد الباقر.
خرج زيد بن علي على الأمويين والتف حوله جمع من الناس من الشيعة وغيرهم، ويقضي زيد أيضاً أنفاسه الأخيرة بعد قصة مأساوية لا تختلف كثيراً عن قصة جده الحسين، وبعد وفاته تنفصل طائفة عن الشيعة لا ترى الإمامة لمحمد الباقر الذي كان الشيعة يعتبرونه إمامهم حتى في حياة زيد وعرفت هذه الطائفة بالزيدية نسبة إلى زيد بن علي واختلفت هذه الطائفة الموجودة إلى يومنا عن باقي الشيعة في أنها رأت أن الإمامة ليست بالنص على شخص محدد وإنما الإمامة هي لأي شخص من نسل علي بن أبي طالب يخرج طالباً لها ويعتبر من أئمتهم يحيى بن زيد بن علي وأيضاً محمد النفس الزكية وغيره.
ففي العراق مثلاً؛ قامت الولايات المتحدة الأمريكية بشراء أشخاص واستثمارات ومخططات وصرفت المال ودخلت بالعدة والعتاد، فاعتقدت بأنها استطاعت أن تنظم العراق كما تريدها هي، إلا أنه بصدور فتوى من السيستاني والذي يعتبر المرجع الديني والقائد الروحي للشيعة في العراق والبالغ نسبتهم 60% من سكان العراق قلبت كل مخططاتهم.
فالشيعة لهم نظام كونفدرالي وأسلوب محاكم خاصة كالمحكمة الإسماعيلية وأساليب اقتصادية وعلى هذا الأساس يعملون على تنظيم الناس وتعليمهم، وهم منتشرون في كل من سوريا وإيران وأوروبا وباكستان.
هناك شيعة ولكنهم ليسوا كشيعة إيران، كالزيديين في اليمن هم أيضاً شيعة ولكنهم ليسوا كشيعة إيران، فالشيعة أعلنوا نضالهم ضد الظلم بالإمام علي بولائهم للإمام علي، أي كدين الطبقة المستبدة والذين تطبق عليهم العبودية. يتم استغلالهم جميعهم في يومنا الراهن من قبل السلطة السياسية، أي بالرغم من أن لها مصادر إنسانية إلا أنه يتم استغلالها من قبل السلطة السياسية في يومنا الراهن.
في هذا الإطار سوف نتوقف على بعض الخطوط، وإحدى هذه الخطوط التي لها فعالية وتأثير في يومنا الراهن هي الوهابية،
الوهابية؛ ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر أي في عام 1780 في الساحة العربية في المملكة العربية السعودية، بقيادة محمد عبدالوهاب، فهي حركة على حسب ما يعتقدون مناهضة للغرب، حركة سلفية لا تقبل التحليل، والإصلاحات والطرق والشيوخ وعلماء الدين، يقبلون فقط الدين والقرآن والأحاديث، هم سنة، لهذا السبب كل شيء خارج السنة يعتبر كفراً، فهم يكرهون الشيعة والطرائق كثيراً، مناهضين للغرب.
فهذه الحركة رأت بأن العثمانيين يعيشون حالة ضعف لخروجهم عن الدين، وفي المقابل الغرب يتطور من الناحية الفلسفية، التدريب، التكنولوجيا والعلم، وسيقومون بالهجوم على المنطقة، لهذا السبب ولدت هذه الحركة لتصحيح الأخطاء التي تحتضنها العثمانية ومن ناحية أخرى كحركة مقاومة ضد الغرب. حيث استمرت هذه الحركة في شخصية أسامة بن لادن، كما أن المسؤولين السعوديين جميعهم وهابيون، هؤلاء سلفيون ومرجعهم أي مصدرهم القرآن والرسول، ولا يقبلون أي شيء آخر، متشددون. تكفيريون أي يكفرون غير المسلمين، لهذا السبب هم متشددون. ولكن لو تمت الملاحظة نرى بأنه تم استغلالهم واستخدامهم على الدوام من قبل الامبريالية والرأسمالية. كيف استفادت إنكلترا من هذه الحركة؟ فهذه الحركة كانت تدعي أنها تناهض وتعادي الغرب، ولكن إنكلترا رأت بأن هذه الحركة تنتقد العثمانيين وفي نفس الوقت كانت إنكلترا عدوة للعثمانيين، لهذا السبب قامت إنكلترا باستخدام الحركة الوهابية ضد العثمانيين. حيث إن أولى الحركات التي تصدت للعثمانيين كانت في المملكة العربية السعودية ولعبت الحركة الوهابية دوراً أساسياً فيها. كما أنه في يومنا الراهن قامت الحركة الوهابية بتوجيه من الاستخبارات الأمريكية بالحرب والتصدي والمقاومة ضد السوفييت في أفغانستان.
فالشيء الواجب إدراكه هو مدى قدرتهم على جذب الأشخاص إليهم، أي هل كانت زيارة الاستخبارات الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية وطلبهم بتحديد أحدهم لتشكيل حركة مقاومة باسم الإسلام ضد السوفييت في أفغانستان صدفة؟ بالطبع لم تكن مصادفة، وإنما تمت بطريقة مخططة ومدروسة. فهذه الأمور تحوز على الأهمية البالغة أي أنها ليست أموراً طبيعية وبسيطة.
فلو لاحظنا حزب البعث لم يكن حزب دينياً، فلدى حكمه للعراق لم يكن حزباً دينياً، ولكن بعد مضي أكثر من عشرين عاماً من الحكم والسلطة كتب صدام حسين على العلم العراقي الله أكبر، أي أنه من أجل مواجهة الأعداء والغرب اضطر إلى اللجوء للدين، ففي البداية كانت حركة اجتماعية علمانية حسب ادعائهم ولكنهم لجؤوا إلى الدين مرة أخرى، حركة ملالية واجتماعية بحسب اعتقاده إلا أنه عاد ثانية إلى الدين. وهناك العديد من القوى الأخرى بهذا الشكل، لأن الدين هو قوة لا يمكن غض النظر عنها واعتبارها غير موجودة. أي هذه القوة المذهبية لا يمكن التقرب منها وكأنها غير موجودة وليس لها تأثير. لهذا السبب لا يمكن أن يتم إيجاد بدائل عن هذه النقاط في منطقة الشرق الأوسط بهذه السهولة، أو القيام بحركات اجتماعية من دون إيلاء هذه النقاط الأهمية الكاملة.
لهذا السبب فإن دمقرطة المذاهب وتعريفها بالشكل الصحيح، دمقرطة الدين وإصلاحه تعتبر إحدى القضايا الأساسية، كي نتمكن من تطوير الإسلام الثقافي وليس الإسلام السياسي، وتطوير قوته الأخلاقية وليس قوته السلطوية. أي تحويل الدين إلى قوة كي نتمكن من الخروج من الأزمة المعاشة التي يلعب الدين والمذاهب والطرق دوراً أساسياً فيها.
الشهيد رستم جودي