HPG

قوات الدفاع الشعبي الكردستاني

رفاق الدرب

جمعتني ببريتان رفقة الطريق في عام 1991، من حفتانين إلى خاكوركي، بعد أن تم فرزنا.

كانت قادمة للتو من ديرسم. يوحي مظهرها، وهي تضع النظارة، إنها طالبة جامعية من الفئة البرجوازية. كنا على وشك البدء بمسير طويل من حفتانين إلى خاكوركي، والمنطقتان تقعان في طرفين بعيدين عن بعضهما البعض. بالنسبة لي كانت الصورة على تلك الشاكلة، أعتقد إن بقية الرفاق أيضاً كانوا يفكرون على ذلك النحو. على العموم كان لسان حالنا يقول:

ـ" لا يمكن أن تكون موفقة في الحرب، ولا يمكنها أن تسير مسافات طويلة في هذه الجبال الوعرة.

بدأنا السير على شكل كتيبة مكونة من سريتين. كنتُ في المجموعة الأولى من السرية الأولى، أسير في مقدمتها، بينما الرفيقة بريتان، فكانت تشرف على مجموعة من الرفيقات في السرية الثانية، ومجموعتها آخر مجموعة في السرية الثانية، حسب تسلسل السير. كانت التعليمات تحذرنا على أن نحافظ على تنظيمنا العسكري خلال المسير، فالطريق طويل وخطر، وربما توجد فيه كمائن، ويجب أن تكون القوات على أهبة الاستعداد لأي ظرف طارئ.

 سارت مجموعة الرفيقة بريتان بشكل منظم. رأيناها وهي تحافظ على التنظيم العسكري بين الرفيقات اللواتي كُلفت بحمل مسؤوليتهن، فكانت تعمل على مساعدة الرفيقات اللواتي لا يستطعن السير، تحمل أسلحة بعضهن، كما تحمل حقائب الأخريات... صرنا ننظر إليها متعجبين. فقد حملت عدة حقائب مع عدة أسلحة، وهي تسير في مقدمة مجموعتها حتى أوصلتهن إلى الصفوف الأمامية.

وعندما وصلت إلى مكان اللقاء برفقة مجموعتها، ووجدتنا وقد سبقناها أنا والدليلان، تضايقت كثيراً. كنا ثلاث رفاق فقط ممن سبقها من بين كل قوات الكتيبة، لكنها لم تتقبل أن يسبقها أحد.

بعد أن تعرفنا عليها خلال الطريق، رأينا فيها التزمت والصلابة في النظام العسكري.

كنا نجد لها بعض الألقاب... وعندما وصلنا إلى المكان الذي سنعبر منه إلى منطقة ميروز، وقتها نفذ ما كان بحوزتنا من تموين.

بقينا فترة نتحمل الجوع، ونحن نتابع طريقنا. وبعد فترة من الجوع والتعب، تمكنا ثانية من الحصول على بعض الأرزاق. عندما تناولنا الطعام بعد فترة طويلة من الجوع، أصابتني وعكة صحية، لم يعد في إمكاني السير.

بعد مرضي، تحدثت الرفيقة بريتان مع رفاق مجموعتي، نبهتهم إلى ذلك، قالت لهم:

ـ الرفيق دارار أصغر منكم  في السن، وحديث العهد بالحياة الحزبية، ولكن الحزب كلفه بالمهمة، عليكم مساعدته...

في الطريق حملتني على كتفها بعد أن فقدتُ وعيي. أخبرني الرفاق بذلك بعد حين. وقد عملت على مساعدة رفاقنا الآخرين في بقية المجموعات.

 تلك المسيرة المشتركة غيرت وجهة نظري، ووجهة نظر بقية الرفاق إلى الرفيقة بريتان.

كان معنا عدد من المسؤولين يحاولون تسيير الكتيبة، لكن الكلمة الأساسية باتت للرفيقة بريتان في تسيير وإدارة أمور الكتيبة. باتت كلمتها مسموعة بين الرفاق والرفيقات بشكل طبيعي بسبب شخصيتها العسكرية، واهتمامها بالجميع.

الأيام التي قضيناها معاً على الطريق، هي التي جعلتني أتعرف عليها، ومن خلالها تغيرت وجهة نظري إليها، تحسنت علاقاتنا فيما بعد، وصرت أكن لها الاحترام والتقدير، فقد تغلبت على وجهة نظرنا الرجولية بقوتها وكدها ومواقفها العملية، ووجهة نظرها الموضوعية.