HPG

قوات الدفاع الشعبي الكردستاني

الشهيد عدنان بيرو

في اليوم التالي دخلنا قرية باسم قرية سوجاتي su çatı.كنا نثق بهم لأننا كنا سابقاً قد ترددنا على هذه القرية، عرفنا عن أنفسنا لأهل البيت الذي دخلناه على أساس أننا مجموعة أتت من آمد

وأننا نبقى بين الشعب في المنطقة، وحصلنا على معلومات بشأن خطط العدو، وحصلنا على معلومات بصدد طريق الرجوع بالنسبة لنا ولكي نقوم بالتشويش على العدو طلبنا بعض المعلومات حول طريق الذهاب إلى نورهاق، وبعدها حصلنا على بعض التموين وبدأنا المسير، قررنا الرجوع إلى آمد، فقط بقي أمامنا قطع مسافة الرجوع، ولا توجد لدينا دقيقة واحدة لصرفها هباء لأن كل شيء يسير في غير صالحنا.

حصلت خيانة في صفوفنا بعد هرب هبون وتسليم نفسه للعدو، ولم تبقَ لنا أي قناة للوصول إلى أي مكان بشكل مستقيم، لا نستطيع القيام بالاتصال بأي طرف، وجاء الشتاء وأصبح كل شيء مرئياً، في لحظة واحدة انقلب كل شيء ضدنا، فقط بقي حل واحد وهو الرجوع إلى آمد بأسرع وقت ممكن.

على الرغم من كل شيء كنا نعيش الـ ب ك ك pkkفي أرواحنا، الواحد منا كان يرتبط بالآخر بشكل أكبر، والذي كان يلعب الدور الريادي في ذلك الوقت هو الرفيق هبون أركاني القصير المسؤول الأول عن المجموعة. تظهر القيادة والمسؤولية في مثل هذه الظروف الصعبة بشكل واضح، كان الرفيق هبون أركاني في الظروف الصعبة وانعدام الإمكانيات يقوم بمدنا بالقوة والمعنويات الكبيرة، بفضل جهوده نجحنا في النجاة من الإبادة وأصبح سبباً في إقناعنا للوصول إلى التنظيم، ونتيجة جهوده المقنعة بدأنا بالرجوع.

أثناء العودة أتينا من حول يشيل يورت yeşil yurt.كانت هناك قرية تابعة ليشيل يورت ولم نعلم هل هم من حماة القرى أم لا؟ كانت القرية تتوسط الجبال ولهذا السبب فكرنا حتى ولو كانوا من حماة القرى ولم يصيبونا بمكروه في إطلاقهم النار الأولي، سوف ندخل القرية على شكل مجموعتين، مجموعة ستدخل القرية والأخرى ستقوم بحمايتها، وإذا لم يكن سكان القرية من حماة القرى سيخبر الرفاق مجموعة الحماية لدخول القرية، لم نلاحظ أية حالة غير طبيعية عند دخولنا القرية، لم يكن هناك أماكن للحراسة ولم يكن هناك تدابير للحماية، لهذا خطرت على بالنا فكرة، وهي أنهم من الممكن ألا يكونوا من حماة القرى حيث أننا لم نواجه أي شيء رغم وصولنا إلى منتصف القرية، طرقنا باب أحد البيوت وعندما شاهدنا صاحب الدار بدت على وجهه بوادر الارتباك، وبعدما هدأ قليلاً أصبح يسألنا من أنتم؟ وعندما قلنا له نحن الكريلا ارتاح أكثر وجمعنا بعض المعلومات حول القرية، نادينا رفاقنا الآخرين، لم يتواجد في القرية لا حماة القرى ولا العدو.

لذلك توزعنا على البيوت لتأمين التموين والحاجيات الأخرى، جلسنا مع الرفيق هبون أركاني في أول بيت دخلناه ضمن المجموعة الأولى، وأصبحنا ننتظر الرفاق الآخرين، ولكي نحصل على معلومات أكثر قمنا بطرح الأسئلة على صاحب البيت أكثر، عندما شرح لنا صاحب البيت أوضاع القرية واستشهاد أحد الرفاق من أهلها، وكنا جميعاً نعرفه وقتها فهمنا بأن أهل القرية هم وطنيون، كانوا قد سمعوا بمجيء مجموعة من أحد عشر رفيقاً، وأن أحد أفراد المجموعة قد خانهم واستسلم للعدو، وفهم مباشرة بأن تلك المجموعة هم نحن، لأنه في ذلك الوقت من الفصل لا تتجول أي من المجموعات سوى التي تأتي من خارج المنطقة، حتى أن قوات ايالة كوني باتي يستخدمون تلك المنطقة وكأنها لم تستعمل من قبل، لهذا علمنا بأنهم لم يبقوا هنا في هذا الوقت من الفصل، وعلمنا بأنهم سألوا عنا في الجهات الأربع حتى عن أسمائنا، في الوقت الذي كان الرفاق يقومون فيه بتأمين الحاجيات تناولنا الطعام وشربنا الشاي، فكرنا بعد أن يتناول الرفاق طعامهم أن نخرج من القرية، وقتها طلب صاحب البيت بقاءنا في القرية وقال لا أحد سيخبر العدو عنكم قلنا له لا نستطيع البقاء لأن طريقنا طويل، بعد أن تناول الرفاق الطعام قمنا بشد أمتعتنا وأكملنا المسير.

أثناء العودة كنا نتقدم بسرعة لكن هذه المرة قمنا باختيار الطريق المعبد بين ملاطيا وال آزغ للسير فيه، في أول ليلة أتينا من مدخل ملاطيا حتى مشروع سبتي اوغلوseptioğlu. هناك قمنا بتأمين الاحتياجات اللازمة وأكملنا المسير، كان هدفنا العبور على جسر قمرهانkömür han. لأننا لم نكن نملك أي شيء لكي نعبر به المياه، وعبور المياه سيكون صعباً للغاية إن لم نعبر على الجسر، لهذا ذهبنا من ذاك الطريق للعبور على الجسر، وبحلول الصباح وصلنا إلى مكان قريب من الجسر ولكن كان من الصعب إيجاد مكان للاختباء فيه، لأن الأراضي كلها سهلية ومسطحة، ولكن عندما نظرنا من حولنا لاحظنا بعض الأكوام من القش حيث يقوم أهل القرى بحصاد القمح ثم يحولون القسم الباقي من القش إلى تبن ويصنعون أكواماً كبيرة من التبن في ساحات على مشارف القرية، والهدف منها عندما يجوع الغنم في الشتاء ولا يبقى لديهم أي قوت في الشتاء يقومون بإطعام هذا التبن للغنم، ولكن هذه الأكوام كانت بالنسبة لنا أشياء مهمة لا يمكن الحصول عليها، جعلتنا نبقى على قيد الحياة ونكمل مسيرتنا الثورية، وفي ذلك اليوم ومع حلول المساء جاء صاحب أكوام التبن يتفحصها، وقتها شاهدنا ونحن بدورنا خرجنا من تلك الأكوام وأخذنا الرجل معنا لكي لا يذهب ويخبر العدو عن تواجدنا في هذه البقعة، لم تكن لنا معلومات عن مكان تواجد بيته في القرية، ولربما يذهب مباشرة ويخبر العدو وهكذا قمنا بتأخيره لمدة ساعة وبعدها قمنا بإخلاء سبيله.

واتجهنا مباشرة نحو جسر قمرهان، ولكن ماذا يوجد حول الجسر؟ لا نعلم. هل توجد حماية للجسر أم لا؟ لا نعرف. و الحل الوحيد هو محاولة العبور من هناك، بعد خروجنا من بين أكوام القش وبعد فترة قصيرة وصلنا إلى الجسر ولكن لم نذهب إليه مباشرة، كانت هناك قرية بالقرب من الجسر فكرنا  في البداية في الحصول على بعض المعلومات بصدد الجسر، ومن ثم الذهاب ولكن لا نعلم هل أعين العدو متواجدة في القرية أم لا؟ هل هم من حماة القرى أم لا؟ لا نعلم.

دخلنا القرية بعد أن اتخذنا التدابير اللازمة، طرقنا أحد الأبواب بشكل عفوي، فتح رجل عجوز الباب لنا، وعندما شاهدنا أصابه الفزع، قمنا بالتعريف عن أنفسنا له بعد الإمساك به من كتفه، أردنا أن نهدئ من أعصابه ولهذا سألناه بعض الأسئلة بخصوص الجسر، وقلنا له لن نبقى في القرية، بعد أن قال له بعض الرفاق هذه الأشياء قام الرفيق هبون أركاني بطرح الأسئلة بصدد الجسر، قال الرجل بأنه تتم حراسة الجسر وحمايته من الطرفين ولا يمكنكم العبور من فوقه، هذه المعلومات كانت كافية بالنسبة لنا ولهذا وبدون أن ننشغل بمسألة الجسر أخذنا نتجه إلى وادي الفرات، ومخططنا بالعبور فوق الجسر سقط في الماء. فقط ما نستطيع القيام به هو التوجه نحو الأعلى على امتداد الوادي، لو تمكنا من الوصول إلى الجانب الآخر من الوادي، حتى إن لم نجد شيئاً، نستطيع على الأقل إيجاد مكان لحماية أنفسنا .

وصلنا إلى وادي الفرات ولكن مازلنا بعيدين جداً عن المكان الذي نرتئي الوصول إليه، لم نعرف المكان الذي وصلناه في الوادي من قبل، والسير فيه كان صعباً جداً وكان الوادي مملوءاً بالقرى ولكن هل هي لحماة القرى أم لا، لا نعلم؟ ولهذا فكرنا بالسير لمدة في أعلى الوادي تقدمنا كثيراً في الليلة الأولى ومع حلول الصباح تراءت لنا بعض البيوت، والتي هي عبارة عن قرية صغيرة، وعندما تخطينا القرية شاهدنا مشروعاً للإنشاءات، وبعدما تفقدنا حوله، وجدنا بيتاً مبنياً من الخشب المصفوف، يمكننا الاختباء فيه.

إحدى الصفات والخصائص الجميلة للسكان الموجودين هنا، هي اعتمادهم وتعبيرهم عن ذاتهم بالإنتاج الزراعي، لم ينقطعوا عن الأرض ولن ينقطعوا، لأنهم يكسبون منها لقمة العيش والحياة، إذا تم تنظيم هذا الشعب بنمط صحيح لن يبقى هناك شيء لا يستطيعون فعله، لأنهم في حركتنا يشكلون القوى الأساسية لنضالنا.

اختبأنا في البيت المصنوع من الخشب المصفوف، وفي اليوم التالي جاء صاحب البيت الخشبي ليتفقد البيت ويتفقد الأشياء الموجودة فيه، كان رجلاً عجوزاً وتفوح من يده رائحة التراب، فقد اتضح أنه يعمل ويتعاطى مع التراب، عندما واجهنا في البداية أصابه الخوف، ولكي نجعله يهدأ ويتغلب على خوفه أصبحنا نسأله بعض الأسئلة، وكان له الحق في أن يخاف لأننا كنا أول مجموعة كريلا يشاهدها في حياته، بعد أن ارتاح قليلاً قام بدعوتنا إلى البيت، عندما ذهبنا إلى البيت شاهدنا زوجته العجوز والمنعكفة على نفسها لها وجه جميل بقدر جمال الأرض، يشع منها نور الأمومة، الاثنان يعيشان مع بعضهما البعض في هذا البيت ولوحدهما يبقيان في القرية، يشرفان على الأملاك والأراضي الزراعية ومحاصيلها.

في منتصف النهار وصلنا إلى بيت العجوزين، وبعد تناولنا الغداء معهما سألناهما عن المكان الذي يمكننا فيه الحصول على زورق للعبور إلى الطرف الآخر. قالا لنا بأن هناك قرية تبعد مسافة ساعة من هنا يوجد فيها زورقان تعرفنا منه على صاحب الزورق، ومع حلول المساء بدأنا المسير صوب القرية التي يوجد فيها الزورق تم تحديد رفيقين للذهاب إلى صاحب الزورق لتأمين زورق، والرفاق الباقون سيقومون بحمايتهما. كان المخطط أن أذهب مع أحد الرفاق إلى صاحب الزورق وعندما دخلنا القرية كان الرفاق الباقون قد تمركزوا حول القرية لحمايتنا وجدنا بيت صاحب الزورق، سألنا قائلاً من أنتم ومن أين أتيتم وإلى أين أنتم ذاهبون ؟ كنا قد أخفينا أسلحتنا تحت المعاطف، ولهذا لم يتعرف علينا قلنا له نحن طلبة ندرس في ملاطيا، أتينا بهدف النزهة في جوار سيفرجا وقلنا له سوف ندفع لك ما تريده من الأجرة مقابل إيصالنا إلى الجانب الآخر من النهر، الرجل لم يصدق بأننا طلبة، ولكن لأنه لم يفكر بأننا كريلا قال سأجهز نفسي خلال خمس دقائق وسآتي إليكم، انتظرناه أمام الباب خلال عشر دقائق، وبعدما جاء إلينا أرسلته مع الرفيق الذي كان معي باتجاه الزورق، وذهبت لأنادي الرفاق والتحقت بهم من الخلف، عندما علم الرجل بأننا مسلحون خاف كثيراً وأصبح يتوسل إلينا ويقول لا تأخذوني فأطفالي مازالوا صغاراً وإذا أصابني أي مكروه فلا يوجد أي أحد يعيلهم، وقتها تحدث الرفيق هبون أركاني قائلاً نحن آبوجيون وكريلا لا تخف لن نفعل بك شيئاً، على العكس سوف نضحي بأرواحنا لكي لا يصيبك أي ضرر، الكريلا والـ آبوجيون لا يلقون الناس في المخاطر بل على العكس إنهم موجودون لحمايتهم. بعد قول ذلك ساد الهدوء والسكينة على ملامح الرجل ولم يتفوه بعد ذلك بكلمة واحدة، وطلب منا الصعود إلى الزورق، صعدنا الزورق وبدأنا المسير على نهر الفرات الذي كان قد تجمع بحجم البحر، ونحن في الزورق لم نكن نصدق بأننا نسير في طريق الرجعة لأنه أصبح لنا حوالي أكثر من شهرين منشغلين في قضية الرجوع، وفي النهاية نجحنا.

فما دمنا نملك العزيمة وقوة الإرادة وأصحاب قرار لا يوجد أي شيء لا يمكننا القيام به، عشنا سعادة ذلك فكرنا في التمركز بالمنطقة ولكن لم ننجح وفي السنة التالية سوف نأتي ونتقدم إلى أبعد من ذلك، ولكن المواقف التي عشناها جعلتنا نتلقى المصاعب أثناء رغبتنا في الرجوع. لم ننجح في مسألة التمركز هناك، وهذه حكاية طويلة. ولكن نجحنا في الرجوع بشكل سليم وكان هذا أيضاً جانباً مفرحاً. طبعاً الحياة تعني الأحداث ونحن نعيش ذلك ضمن الكريلا بشكل ملموس لأننا نعيش حياة حقيقية فالسعادة والحزن يسيران معاً، والآن نعيش تلك الحقيقة، فكرنا أن نذهب من طرف كون كوشgüngüş maden. ولكن صاحب الزورق قال إن البنزين لن يكفينا لهذا كنا مجبرين على الاتجاه إلى ناحية سفرجا، لا يوجد أمامنا خيار آخر سوى قبول ذلك ولم نفكر بأن الرجل يكذب علينا، ففي تلك الأوضاع لا توجد حاجة إلى الكذب، ولم نضغط عليه وبعد السير لمدة ثلاث ساعات في الزورق على مياه الفرات، نزلنا بالقرب من ناحية كوزليك التابعة لسفرجا. نزلنا من الزورق في منتصف الليل، ولم يكن من المناسب البقاء هناك وبدون توقف تابعنا المسير وبعد أربع ساعات من السير وصلنا إلى بيت صيفي، كان البيت فارغاً بسبب الشتاء لم يبقَ لدينا شيء اسمه التموين أصبحنا نكاد نسقط من الجوع والتعب والنعاس. ولم نكن نملك القوة للمسير فلا حول ولا قوة لسير خطوة واحدة، لهذا كنا مجبرين على كسر قفل الباب ودخول البيت، كان يوجد داخل البيت حبات قرع (حلوة) قطعنا واحدة منها وأصبحنا نأكلها بعد غليها في الماء، بعد ملء بطوننا بالقرع الحلو أصبحنا نتهيأ للنوم ومع حلول الصباح بدأ هطول المطر الممزوج بالثلج، كان هذا مفيداً بالنسبة لنا، ذلك يعني بأننا نستطيع التحرك في النهار بعد تناول القرع تحسباً للفطور بدأنا في السير، عندما كنا نسير في الطريق فجأة أصبحنا وجهاً لوجه أمام عدة سيارات من سيارات العدو،  رأيناهم ولكنهم لم يشاهدونا ولهذا قفزنا إلى أسفل الطريق واختفينا هناك، لأن العدو لم يكن قد شاهدنا لهذا تابع سيره ونحن بدورنا لم نعد نسير على الطريق تحسباً لظهور العدو في أي لحظة أمامنا، ولذلك أصبحنا نسير في الجغرافيا بشكل عفوي.

كنا نسير باتجاه سفرجا ومع حلول المساء وصلنا إلى مشارف قضاء فاردكمزاvardıgımızda. التابع لسفرجا شاهدنا بيتاً واحداً وأصبحنا مجبرين على الذهاب إليه لتأمين المؤن، سألنا صاحب البيت قلنا له لقد أتت مجموعة من الكريلا إلى المنطقة ونحن من القوات الخاصة التي تقوم بتمشيط المنطقة بهدف ضربهم واعتقالهم، ولكن ما كنا نرتديه من الألبسة وأسلحتنا كانت تظهر لهم بأننا كريلا وقتها قام صاحب البيت بتحضير بعض الطعام لنا، وكان هدف إطعامنا هو إلهاؤنا لأنه كان قد أخبر العدو بمجيئنا.

بعد تناول الطعام أردنا الخروج من البيت ولكننا لاحظنا أن صاحب البيت يريد أن يلهينا، خرجنا من البيت من دون أن نتوقف للحظة واحدة، أثناء خروجنا شاهدنا الرفيق الذي كان في الحراسة يركض باتجاهنا، عندما سأله الرفيق هبون ماذا حصل أجاب قائلاً بدأ العدو يحاصر البيت، حاولنا الابتعاد عن المكان فوراً. لاحظ العدو وجودنا لهذا قام بإطلاق النار رشاً علينا مرتين ولكننا استطعنا النفاذ من هناك، ولكن إلى أين سنذهب وكل المكان مغطى بالثلج، قال الرفيق هبون ذهابنا إلى جبل هزار باباhezar baba يعني إبادتنا، لو ذهبنا إلى البيوت الصيفية على ساحل هزار بابا من المحتمل أن نتخلص من التمشيط. عندما أنهى الرفيق هبون حديثه قال هل هناك رأي آخر؟ لم يبدِ أي رفيق آراء مختلفة، وبدأنا بالسير نحو البيوت الصيفية، ومع حلول الصباح وصلناها دخلنا واحداً منها قضينا النهار هناك، قام العدو بمتابعة تحركاتنا وكان التمشيط مستمراً، العدو يبحث عنا في كل مكان ومع حلول المساء بدأنا بالسير من جديد، حاولنا أن نتجاوز جبل معدن، عبرنا الجبل من أسفل حائط حديقة المخفر. استرحنا في بيت خشبي على الطريق حاولنا أن ندخن سيجارة ولكن قبل أن نشعل السيجارة لاحظنا تحركات العدو من خلفنا لهذا تابعنا المسير وسرنا حتى الصباح، وفي الصباح دخلنا إحدى القرى وعندما شاهدنا الحارس في خندق الحراسة علمنا بأن القرية تابعة لحماة القرى، اختلطنا مع حماة القرى وبعد اشتباك قصير معهم خرجنا من القرية، كان الضباب يعم كل المكان لهذا استطعنا الابتعاد عن القرية وذاك اليوم قامت القيامة نتيجة تساقط الثلوج بكثافة، لم يكن بوسعنا فعل أي شيء لنخفي القناة التي فتحت على الثلج نتيجة عبورنا عليه، فقط كان الحل الوحيد هو السير ليلاً نهاراً وبدون أن نقول هناك عاصفة ثلجية، السير دون توقف وبشكل متواصل كان يعني لنا القفز على العدو والوصول إلى المنطقة، حتى ولو لم تكن المنطقة التي نرغب الوصول إليها، لكنها على الأقل كانت قريبة منها.

يتتبعنا العدو ليلاً نهاراً في الثلج والمطر، ولم تبقَ لدينا دقيقة واحدة من الوقت لكي نهدرها، الوضع حرج جداً حتى عدة دقائق يمكن أن تنقذنا من الفناء وعلم الرفيق هبون بجدية الموقف، قال أيها الرفاق لا يوجد لنا حل آخر سوى السير ولهذا علينا أن نتحمل ونكافح أكثر. المجيء إلى سيفرجا من طرف بيران في الوضع الطبيعي يستغرق أربعة أيام، ولكن هناك وضع طارئ لهذا تحدث الرفيق هبون قائلاً عندما أعطي الإيعاز سوف نبدأ في التحرك ولن نقف في أي مكان والتدخين ممنوع تعلمون لا نملك التموين والأشياء الموجودة سوف نأكلها في السير أي سوف نبدأ في السير بوتيرة عالية وبدون أن نتوقف في أي مكان لا توجد حاجة للتحدث لكم عن جدية الموقف لأننا نعيشه معاً وأكمل قائلاً بعد أن نستريح أكثر سوف نسير وبدون توقف حتى المنطقة الرابعة التي تسمى الآن منطقة الشهيد بروسك.

بعد استراحة دامت نصف ساعة، بدأنا  السير ونحن نسافر على درب الحرية ونحل ضيوفاً على الليل نسير تحت  تساقط حبات الثلج، بعد عدة ساعات تجمدنا في الثلج ولم يبقَ مكان في جسدنا ولم يبلل ولكننا لا نستطيع التوقف أو حتى أخذ استراحة قصيرة، سرنا بدون توقف ولكننا كنا منهمكين من التعب بعد مسيرة أربع وخمسين ساعة من المشي ومع حلول الفجر وصلنا إلى قرية على حواف جبل كورسا القرية منهارة ومهجورة، كانت هناك طاحونة قديمة لا تستعمل، اختبأنا في أحد أطرافها غير المبللة سقطنا جميعاً من التعب والجوع وانعدام الإمكانات وبقينا في تلك الزاوية مكدسين على بعضنا البعض، كنا نحشر بعضنا بين بعضنا واستسلمنا للنوم، كذلك جاء القائد هبون وتمدد بجانبنا لينام معنا كنا قد تعبنا جميعاً ولم نكن نملك القوة لخطو خطوة واحدة، وقتها قال ليس نحن من يترك نفسه للموت. لقد انبلج النهار واتضحت الرؤية ولأجل إشعال النار أردت الخروج لجمع الحطب، قال الرفيق هبون توقف أنا سوف أذهب لجمع الحطب لأنني أعرف هذا المكان جيداً في الحقيقة لم أكن أعرف المكان، أما القرى الأخرى فكنت أعرف سكانها وقد كان لي أقارب بينهم ولكن هدفي هو عدم ذهاب الرفيق هبون لجمع الحطب، رجعنا معاً بعد أن جمعنا قليلاً من الحطب، ولكن لم تبقَ لي قوة على كسر الحطب وإشعال النار، وفي النهاية نجحت في إشعال نار صغيرة، جعلنا النار بعيدة عن الرفاق لتفادي خطر الإصابة بحروق ثلجية، الرفاق جميعاً كانوا محترفين من هذه الناحية لأن كل واحد منهم كان قد تخطى خطر الإصابة بحروق ثلجية لمرات عديدة.

جلس الجميع بعيداً عن النار يقومون بتجفيف ملابسهم، وبعد جفاف ملابسهم استغرقوا في نوم عميق، جلست بجانب النار لكي أقوم بالحراسة كانت الساعة تشير إلى الثامنة، شاهدت شبحاً أسود يمر من أمام عيني ذهبت إلى الخارج لأستطلع الموقف شاهدت أحد أقربائي من أهالي تلك القرى اندهشنا نحن الاثنان عندما شاهدنا بعضنا البعض، اندهش قريبي ماذا أفعل هنا في هذا الجو المثلج وقيامة الشتاء القارص، وأنا أيضاً اندهشت عن ماذا يبحث في مثل هذا اليوم العاصف وبعدها علم جيداً بأن وضعنا غير جيد ولهذا رجع إلى القرية وجلب إبريق شاي مع السكر والشاي وبعض الطعام ورجع إلينا أوقدت النار بشكل مفرط حتى يغلي الإبريق وبعدما تم غلي الشاي أيقظت الرفاق، على الرغم من أنني كنت أشعر بالنعاس وعيوني تنغلق بين الفينة والأخرى ولولا وصول قريبي كنا جميعاً بسبب النعاس والبرد ربما نستشهد ومجيء الرجل في ذلك اليوم أنقذني من النعاس أصبحت صاحياً أكثر بعد أن جلب الطعام والشاي أصبحنا في مأمن وعرفنا أننا دخلنا إلى منطقتنا.

ولكن بقيت أمامنا مشكلة واحدة وهي أن نجد الرفاق وهذا لم يكن صعباً لأننا نعرف أكثر نقاط تمركزهم، ذهبنا نبحث عنهم ليلاً ونهاراً اتجهنا إلى القرية التي كنا نتوقع تردد الرفاق إليها وكانت توقعاتنا صائبة لأننا وجدنا الرفاق في القرية. كانوا قد أتوا في مهمة إلى تلك القرية ولكنهم كانوا قد دخلوا القرية قبلنا وعند الدخول إلى القرية صاح الرفيق الحارس من بعيد من أنتم كنا نعرف جميعاً صاحب الصوت إنه صوت الرفيق ولات ديكور وصاح الرفيق هبون وكله ثقة بنفسه نحن يا رفيق ولات وصاح الرفيق الحارس الرفاق الموجودين في القرية وركض يبشرهم بقدومنا وهرع جميع الرفاق إلى خارج البيت ليستقبلونا واحتضنا بعضنا البعض في جو مراسيمي كأننا نذهب إلى حفلة السنين الماضية، في الحقيقة كانت تحتسب حسرة السنين لأن الكريلا يعيش عدة عصور في عدة أيام جلسنا معاً في القرية واسترحنا قليلاً وبعدها بدأنا في المسير صوب مكان تواجد الرفاق.

بعد أربعة أشهر ومع حلول الصباح وصلنا إلى الرفاق قمنا بتقديم تقرير مفصل عن الفعاليات التي قمنا بها في المنطقة في تلك السنة، بغض النظر عن قضية التمركز هناك كانت فعالياتنا ناجحة كان هدفنا الوصول إلى ارجيسا ولكننا لم نصلها في تلك السنة وبقيت مسألة الذهاب إلى ارجيسا للسنة التالية ولكن ليس معلوماً من منا سوف يبقى ومن سيذهب، لأنه أمامنا شتاء طويل، ومن سيخرج من ذاك الشتاء ليس معلوماً أبداً.