HPG

قوات الدفاع الشعبي الكردستاني

تحليلات القائد

كتبت الرفيقة بيريتان تقريراً من أجلي قبل أن يأتي خبر استشهادها بفترة، مبينة في تقريرها "بأنها تريد تجربة كتابة رواية القيادة بالاستفادة من التحليلات التي طورتها القيادة". فقد لفت انتباهي ما بينته في تقريرها بهذا الشأن، إذ لم يكن أحداً حتى ذلك الوقت قد فكر وأدلى بمثل هذا الكلمات.

لذا كان سيكون حسناً لو أنني رأيتها وناقشت معها الأمر. إلا أنني سمعت بنبأ استشهادها فيما بعد. بيريتان فتاة باسلة وبطلة شاركت في عملية " روبارك " كقائدة مجموعة أصيبت في هذه العملية بجراح من كتفها. انضمت بعد ذلك على الرغم من جرحها إلى جبهة الجنوب التي كانت تحارب فيها في الصفوف الأمامية. هناك تبقى لوحدها في الخندق بعد استشهاد رفاقها، تحارب حتى آخر طلقة في سلاحها، فتحاصرها قوات البيشمركة الخائنة المتحالفة مع العدو من كل جانب، يناديها البيشمركة بأنهم " لن يلحقوا بها الأذى لو استسلمت لهم" إلا أنها ترد عليهم بهذه الكلمات " قمتم بالتحالف مع العدو، فأنتم خونة، أنتم هم من عليهم الاستسلام لنا" وبجسارة وكبرياء تلقي بذاتها من فوق الصخور العالية وهي تطلق الشعارات من أجل القيادة، اختارت الطيران والحرية بدلاً من العبودية، عمليتها هذه ذاتي معنى عظيم.

الرفيقة بيريتان ذات قوة ووعي من الناحية النظرية، إلا أنها لم تستند على هذا الصعيد فقط.  لقد كانت صاحبة نظرة تحليلية عميقة و واسعة من ناحية المقاومة والوطنية، وزادت من وعيها هذا ضمن الساحة العملية أكثر بكثير. إنها تستوعب الأمور والقضايا وتعطي القرارات المناسبة بحقها بشكل عملي. علينا إعطاء القيمة المطلوبة لعمليتها العظيمة. علينا إعطاء الجواب لذكرها، لا يمكن أن نقترب من شهداء أباسل مثلها بسطحية وبساطة إطلاقاً. يبين الرفاق بأنهم:" مرتبطون بذكراها وأنهم قد سموا اسم الكتيبة باسمها تعبيراً عن ارتباطهم هذا". المسألة لا تكمن في تسمية الكتيبة باسمها، وإنما المسألة هي كيف يمكنكم إحياء طرازها ونهجها في الحياة. عليكم إحياء بيريتان في الحياة، عليكم استخراج النتائج من موقفها المقدام ومقاومتها الباسلة، على الرفاق الهادفون للتقدم والتطور في طريق الحرية أن يأخذ بيريتان أساساً.

يواجه رفاقنا مشاكل عدة، وكثيراً ما يرتكبون الأخطاء في الحياة ولكن سرعان ما يستطيع الإنسان تجاوز هذه الأخطاء والوصول إلى النتيجة المثمرة لو تعمق ودرس قضايا الحياة بجد ونشاط. فما أعنيه هو " لو تركنا الطريق مفتوحاً، وفتحنا المجال والإمكانيات، ستظهر الشخصيات فذة ومقدامة يندر وجودها بأعداد لا حصر لها بيننا.      

كانت بعض الإيالات تدعي وتقول:" ماذا سنفعل بالرفيقات فهن عبء على أكتافنا". إلا أنني لم أقترب بمثل هذا المفهوم أبداً، بل إن مواقفي كانت معاكسة تماماً. الرفيقات اللواتي تتهمونهن بالعبء، هن في الحقيقة قوة فدائية بكل معنى الكلمة. إذ أن مجيء الفتيات وانضمامهم للثورة هو تعبير حي عن جسارتهن وروحن الفدائية. إنكم تقتربون بحسب الذهنية الإقطاعية البالية والمتعفنة، تقربكم خاطئ وليس صائب. ربما لا تكفي قواكم لاجتياز هذا المفهوم وكسره بسهولة إلا أن الوصول للحرية يتطلب النضال بلا هوادة في سبيل اجتياز مثل هذه المفاهيم والتحرر منها. مفهومي وموقفي يختلف تماماً. تمعنوا وانظروا إلى المقاومات التي تبديها الفتيات، فإنهن يقاومن في الخنادق ويحاربن بكل جرأة حتى آخر نقطة من دمائهن، فلا أحد منهن يفكر بالهرب بتاتاً. إنهم مرتبطون بحرب الحرية إلى درجة العشق. لقد ظهرت هذه الحقيقة بكل وضوح في هذه الحرب. إن قبول هذه الحقيقة سيؤدي بنا إلى تحقيق التطور من الآن فصاعداً.

أنا على أمل أن يتم إستوعاب وتقييم الجهود التي بذلتها من أجل المرأة بشكل صائب. لا يمكننا الوصول إلى الحرية دون تقديم البدائل وبذل التضحيات.  رفض الحياة الرخيصة والعلاقة القائمة على أساسها أمرٌ جد مهم. فالحرب تتطلب شخصيات جدية عظمية قوية. بيريتان لم ترضى أبداً بالاستسلام لهذه الحياة الرخيصة. انظروا إليها على الرغم من أن البيشمركة يعدون بأنهم لن يمسوها بأي سوء وأنهم سيقدمون لها الحياة، ترفض الاستسلام بشدة. أنها تعلم جيداً بأن الحياة الحرة تعني المقاومة. وتعي جيداً بأن الطريق الوحيد إلى الحياة الحرة والجميلة هو النضال والحرب والمقاومة لذا فهي تلقي بذاتها من أعالي الصخور.

بيريتان هي رمز المقاومة والكبرياء والحرية. إنني أقول نهج بيريتان. علينا  تطبيق نهج الشهيدة بيريتان في الحياة العملية. علينا تخليد ذكراها. لم تستسلم للقوموية البدائية. إذ أن فرهات الذي كان مسؤولاً في مركز خاكوركة يستسلم لخط الخيانة في ذلك الوقت. عثمان هو شخصية متعفنة مسلطة ضد الكرد. فهو شخصية منحطة سافلة قام العدو باستثماره لاستخدام نسب أوجلان. في الحقيقة إن هذه الشخصية كانت قد انتهت مذ عام ١٩٩٢. لقد أعطيت مثال بيريتان لمرات متعددة. فهي على الرغم من محاصرة البيشمركة لها من كافة الجوانب فإنها لا تستسلم، وتلقي بذاتها من أعلى المنحدر. إنه نهجٌ وخط للحرية. إنه موقف حر، فهو ليس انتحار. لا يمكننا تقييم عمليتها بأنه انتحار أبداً. بل أنها عملية لها معنى عظيم. أنها نهج وخط الحرية، أنها نهج المرأة الحرة، أنها كرامة وشرف المرأة الحرة، أنها مقاومة عظيمة.

هناك العديد من النساء المنضمين إلى نهج الحرية الذي أسير عليه، هناك العديد من النساء المرتبطين بنهجي. لا يوجد شيء أدنى وأحط من أن تصبح زوجات وبنات ذهنية نظام مضطهد ومتسلط كهذا النظام. يتطلب على فتياتنا الباسلات أن لا يقعن بين براثن هذه الذهنية المتعفنة، عليهن أن يناضلن ويطورن أنفسهن ليصبحن أقوياء في مواجهة هذا النظام الذي يمثل الموت بالنسبة لهم. عليهن الوقوف بالاعتماد على إرادتهن الذاتية. عليهن أخذ الموت بعين الاعتبار. عليهن حماية شخصياتهن والدفاع عن ذاتهن.. المرأة المنحطة المتحولة إلى زوجة ( ملك)، تعبر عن الشعب المتحول إلى زوجة ( ملك)، وتعبر عن الوطن المتحول إلى زوجة أيضاً. فالمرأة المنحطة ليس لها أي قيمة أبداً. لذا فإن النضال والحرب من أجل الحرية هو طريق الخلاص الوحيد. وصيتي الوحيدة لكم هي أن تناضلوا وتطورا أنفسكم. هذه وصية بيريتان. أننا لن ننسى هذه الفتاة بتاتاً. لن ننسى جهودها المضنية لأجل الحرية، لن ننسى تحليقها. إنها جاندارك الكردية. وهناك المئات من الفتيات الباسلات ضمن الثورة. أننا سنأخذها أساساً لنا، فهي كرامتنا.

لقد استشهدت تسع من فتياتنا ببسالة لا يمكن التعبير عنها، فقد شكلنا حلقة وفجرنا بأنفسهن القنبلة لكي لا يقعن في أيدي الأعداء. لقد فعلوا ذلك لكي لا يستسلمن للعدو. أنهم بالنسبة لنا بطلات عظيمات. تاريخنا مليء بمثل هذه المقاومات الأصيلات. أريد استذكار القائمات بإحراق ذاتهن أيضاً بهذه المناسبة. إنني أقول ثقافة الإلهات. علينا إحياء و عصرنة ثقافة الإلهات. إن الرجل لا يريد أن يفهم. لا يمكن الوصول إلى الحياة الحرة بأي طريقة أخرى. إنني لا أدلي وأبين خط بيريتان ونهجها هباءً. لقد قاومت ضد الرجعية والقوموية البدائية بكل بسالة. عمليتها مؤثرة بالنسبة لي. فهي مبدأ بالنسبة لنا. لهذا فإننا اتخذنا نهج بيريتان في الحرية أساساً. عمليتها هي عملية الكرامة والحب والعشق. إننا سنحارب من أجل الحرية سنحارب من أجل الكرامة.